في مارس الماضي يوم ناقشتُ رسالة الدكتوراه حصلتُ على ثلاثة ألقاب:
دكتورة
- معجمية
- مُحَقِّقَة
![](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t4c/1/16/1f642.png)
![](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t4c/1/16/1f642.png)
![](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t4c/1/16/1f642.png)
![](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t4c/1/16/1f642.png)
![](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t4c/1/16/1f642.png)
![](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t4c/1/16/1f642.png)
![](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t4c/1/16/1f642.png)
وهذا الأخير أحبهم إلى قلبي، وهو ما كنتُ أسعى إليه منذ سنوات، وما كان السعي لأجل اللقب وحسب، وإنما لإشباع شغف علمي نبت مع الرؤية الأولى لمخطوط عربي على شاشة الميكروفيلم بدار الكتب المصرية، ونما وتوطن مع القراءة والبحث في التحقيق والتراث العربي.
وكلما تعمقتُ في الدرس اكتشفتُ أن منبع الشغف ليس عملية التحقيق الإجرائية البحتة التي سعيتُ للإلمام بها نظريةً وتطبيقًا- وإنما منبع الشغف هو التراث ونصوصه المتفردة؛ تلك النصوص التي دعت أمة الاستشراق لأن تُكَرِّس جهدَ قرون لفهمها وإعادة إخراجها لأبنائها بهدف الإفادة منها أو تشويهها. فإن شغفي بالتراث العربي- لا سيما اللغوي- حفزني على قراءته ومحاولة المشاركة في نشره بوصفي محققةً.
وأعترف- لنفسي أولًا- أن هذا النوع من الشغف كلفني كثيرًا من الجهد والوقت وإهدار للفرص، وطالما راودتني أسئلة ملحة خلال سنوات الدكتوراه الصعبة: لماذا اخترتِ هذا الموضوع الذي يحتاج إلى سنوات؟ أليست هناك موضوعات أبسط كمًّا وكيفًا يمكن أن تنتهي سريعًا وتتعلق بمجال العمل؟ لماذا كل هذا الجهد في تخصص علمي لا يلاقي ترحيبًا إلَّا في أوساط محدودة يسيطر عليها الرجال؟
كانت أسئلة مُحْبِطة جلبتْ إليَّ اليأس في سويعات قليلة، لكن سرعان ما كان هذا الشغف غير المحدود يقضي على اليأس ويمحو الإحباط بالأمل الذي كان يلوح في آخر المشوار.
والمشوار لم ينته بنهاية الدكتوراه ذات الألقاب الثلاثة؛ فرؤيتي للتراث وتحقيق نصوصه متجددة بازدياد المعرفة؛ فرؤية التحقيق نظريةً تختلف عن رؤيته تطبيقًا، وتطبيق النظرية- التي تشبعتُ بها سنينًا- بالتحقيق العملي رسخَ رؤية مختلفة للتراث مزدحمة بموضوعات بحثية متشعبة بين تحقيقات المستشرقين، وخصوصية تحقيق الفروع، ونصوص تتطلب بحثًا عن مخطوطاتها المفقودة... إلخ. كما أن هناك حقائق نظرية لا يمكن إدراكها إلا بالممارسة مثل: ثقافة المحقق، وتواصل المحقق مع صاحب النص، والنقد الداخلي للنص، وغيرها من الحقائق التي توسع رؤية قراءة التراث وتفتح بابًا لموضوعات بحثية عديدة.
صحيح أن هذا الشغف يبتعد أميالًا عن مجال العمل المتاح- الذي لا أدخر جهدًا في سبيله- لكنه يقترب مني اقتراب الروح من الجسد، فأسأل الله أن يزيدني شغفًا ولا يحرمني وصلًا بما أهوى.
الحمد لله والشكر لله
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق