-->

إسهام الأستاذ الدكتور عوني عبد الرءوف في تحقيق نصوص التراث العربي ونقده.. دراسة استقرائية وصفية تحليلية




إسهام الأستاذ الدكتور عوني عبد الرءوف
في تحقيق نصوص التراث العربي ونقده
دراسة استقرائية وصفية تحليلية
                                              هالة جمال القاضي([1])

مدخل:
كلما تصفحت الكتاب التذكاري (في اللغة والأدب والحضارة)([2]) لأستاذي الدكتور عوني- أجدني حزينة؛ لأنني لم أكن ضمن المشاركين فيه؛ حيث لم أكن- وقت صدوره- قد التحقت بركب تلاميذ الأستاذ المعلم. فقد تلمذت له بشكل مباشر منذ 2009م؛ أي بعد صدور كتابه التذكاري بعام واحد.
لكن الله- عز وجل- كريم مجيب الدعاء؛ فقد منحني أستاذي- بفضل الله وعونه- شرف المشاركة في تكريمه بالمجلس الأعلى للثقافة بورقة بسيطة([3])؛ أنجزت على إثرها هذا البحث الذي يختص بفرع من إسهاماته العلمية الكثيرة؛ وهو: تحقيق نصوص التراث العربي ونقده.
ومن المعروف أن مُنْجَز الدكتور عوني امتد ليشمل فروعًا شتى في العربية ولغات أخرى؛ فهو أستاذ اللسانيات العربية، واللغات السامية، واللغات الأفريقة، واللغة الألمانية، وهو المتخصص في الترجمة، والاستشراق والاستشراق الألماني خاصة، وتحقيق النصوص ونقده، بالإضافة إلى اهتماماته الأدبية، والحضارية، والتربوية أيضًا.
وإسهام الدكتور عوني في تحقيق النصوص من بواكير أعماله العلمية وأولها، بما قدمه في أطروحته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة جوتنجن Göttingen بألمانيا؛ وكانت بعنوان: "كتاب القوافي لأبي يَعْلى التنوخي.. دراسة وتحقيق". وإنه لشـرف كبير أن أكون تلميذة الأستاذ الوحيدة- إلى الآن- التي تخصصت في تحقيق النصوص ونقده في مرحلتي الماجستير والدكتوراه. أسأل الله أن يبارك في عمره ويستمر في إمداد الحياة العلمية بتلاميذ كثر في هذا التخصص المهم.

محتوى البحث:
أعرض في هذا البحث استقراءً وصفيًّا تحليليًّا لإسهام الدكتور عوني في هذا المجال من خلال ثلاثة فروع رئيسة هي:
1-  تحقيق نصوص مخطوطات التراث العربي.
2-  إصدار تحقيقات المستشـرقين لنصوص التراث العربي مترجمةً إلى العربية، ومصحوبة بدراسات.
3-  نقد تحقيقات المستشـرقين لنصوص التراث العربي.
والفرع الأول هو تحقيقه للنصوص العربية المخطوطة التي لم تنشـر من قبل؛ ويضم عملين في القافية والنحو، وقمتُ بوصف منهجه- في تحقيق النص- وتحليله من خلال تتبع إجراءات التحقيق العلمي جميعها وفق ترتيب عمل المحقق متضمنة تقنيات العلم من استكشاف وقراءة ومعالجة.
أما الفرع الثاني وهو إعادة إصدار تحقيقات المستشرقين، فجعلته فرعًا مستقلًا بذاته؛ لأنه ليس فرعًا من التحقيق أو نقد التحقيق، ولأنه يحتل حيزًا كبيرًا ومهمًّا من إسهام الدكتور عوني، كما أنه فرع أصيل في بابه لم يسبق لأحد الاهتمام به قبل أستاذنا الجليل، ويضم خمسة أعمال في الأدب والتراجم، عرضت كلًّا منها على حدة وصفًا وتحليلًا، ورتبتها وفق تاريخ إصدارها؛ مبينة قيمة كل نشـرة، وما أضافته إلى النشرات الاستشراقية والعربية.
وأما الفرع  الثالث نقد تحقيقات المستشـرقين لنصوص التراث العربي، فقد رصدتُ فيه المباحث العلمية التي ضمها كتاب الدكتور عوني: جهود المستشـرقين في التراث العربي بين التحقيق والترجمة، والتي وصل عددها إلى أحد عشـر مبحثًا في نقد تحقيقات كثير من المستشرقين الألمان والإنجليز وغيرهم.
***
(1) تحقيق نصوص التراث العربي:
وفي هذا الباب أسهم الدكتور عوني بعملين:
الأول: تحقيق كتاب القوافي لأبي يَعْلى التنوخي (ت القرن الخامس الهجري).
والثاني: تحقيق شرح كتاب سيبويه لأبي سعيد السيرافي (ت 368هـ)، الجزء الخامس والسادس، ومراجعة تحقيق الجزء العاشر.


(1/ 1) كتاب القوافي لأبي يعلى التنوخي:
وهو كتاب في علم القافية صنفه أبو يعلى التنوخي معتمدًا على المصنفات التي سبقته، ومضيفًا إليها، وذاكرًا العلماء الذين أخذ عنهم. ويتخذ هذا المصنَّف أهميته مما حفظه من آراء علماء العربية الأوائل في هذا الفن؛ حيث فُقِدَت معظم مصنَّفاتهم في هذا الباب، كما ذكر الدكتور عوني في معرض حديثه عن أهمية النص([4]). كذلك يتخذ المصنِّف أهميته من كونه تلميذًا لأبي العلاء المعري أحد أهم المصنفين العرب في هذا الفن، الذي حفظ له تلميذه أبو يعلى آراءه في علم القافية في هذا الكتاب([5]).
وصنَّف أبو يعلى الكتاب في ستة أبواب هي:
1-  القافية معنى ودلالة.
2-  وزن الشعر وما يلحقه.
3-  لوازم القافية.
4-  عدد القوافي.
5-  اللين في القوافي.
6-  عيوب القافية.
وتحقيق كتاب القوافي لأبي يعلى التنوخي من أوائل الأعمال العلمية لأستاذنا، فهو رسالته التي حصل بها على درجة الدكتوراه من جامعة جوتنجن بألمانيا، كما سبق، وقد أنجزها سيادته في 1965م، ثم نشـرها بمكتبة الخانجي، عام 1975م، ثم الطبعة الثانية بدار الكتب والوثائق القومية، عام 2003م، وأخيرًا الطبعة الثالثة بالأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، عام 2009م.
وتعد طبعة الدكتور عوني هي الطبعة الأولى لهذا النص وفقًا لتاريخ الحصول على درجة الدكتوراه، ثم تأتي طبعة ثانية للنص عام 1970م، من تحقيق: عمر الأسعد، ومحيي الدين رمضان، دار الإرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت([6]). ويذكر الدكتور عوني في مقدمة الطبعة الثالثة للكتاب- هذه الطبعة الأخرى له، ويقول إنه رجع إليها، ولم يجد بها أي إضافة لما قدمه في تحقيقه([7]).
وأما عن مخطوطات النص، فقد اعتمد الدكتور عوني على نسخة واحدة للنص، ذكر أنها نسخة فريدة، محفوظة بالمكتبة الظاهرية بدمشق، رقم 25/ شعر، نسخها محمد السراج الخزرجي الأنصاري سنة 739هـ، عن أخرى نُسِخت سنة 451هـ؛ أي في حياة المؤلِّف كما يقول دكتور عوني([8]).
وقد وصف الدكتور عوني المخطوط بدقة، فذكر ما ورد في صفحة العنوان من وقف وتملك، كذلك صحح عنوانها من "كتاب القوافي في علم العروض" إلى "كتاب القوافي" اعتمادًا على نوع الخط وموضوع النص([9]). كذلك أورد أستاذنا في معرض وصف النسخة جملة الأخطاء المكررة مع ذكر أرقام الصفحات الواردة بها([10])، وهو أمر مهم يحد من تكرار التعليقات، ويعبر عن مدى الصعوبة التي واجهها المحقق في قراءة النص وتصحيحه. وكذلك اهتم أستاذنا بوضع صور من بداية المخطوط ونهايته قبل النص مباشرة.
وأما عن تحرير النص وضبطه، التزم أستاذي المحقق منهجًا منضبطًا جدًّا مستقرًا في العنونة، والتفقير، والضبط بالشكل، والترقيم. وهذا الانضباط على مستوى الإجراء الواحد أكثر ما يميز منهج د. عوني في التحقيق. فاتخذ مثلًا من عنونة النص وتفقيره منهجًا في توضيح معالم النص وغاياته الموضوعية؛ فأبرز العناوين الرئيسة لأبواب الكتاب الستة في بدايات مستقلة، وإن صغر حجم الأبواب، كما أبرز العناوين الفرعية بصورة واضحة، كما في الباب السادس: عيوب القافية؛ حيث قام بترقيم هذه العيوب التسعة معنونة في صدر كل صفحة جديدة([11]). كما نلاحظ أن أستاذنا أضاف عنوانات من صنعه لما يقتضيه التبويب على حد تعبيره في التعليق على العنوان: "ما يلحق آخر الشطر" ([12])، وهو أمر مباح للمحقق شرط أن ينبه عليه، وما دام أنه في حدود ضيقة.
وامتد الانضباط إلى الترقيم العددي والتعبيري؛ ليكونا أداة للمحقق لمساعدة القارئ في فهم النص، وإبراز ماهية المخطوط الذي اعتمد عليه. فنجده يرقم أوراق المخطوط في الهامش الجانبي للنص، مستخدمًا الأرقام العددية والحروف الهجائية، فالصفحة الأولى من الورقة الثانية هي: 2/أ، والصفحة الثانية من الورقة الثانية: 2/ب... وهكذا، وربط بهذا الترقيم علامة (/) في نهاية الفقرة التي تنتهي عندها الصفحة. كذلك فالنص منضبط على مستوى الترقيم التعبيري، فاستخدم كل علامات الترقيم موظفة وفق استعمالاتها المعروفة في تحقيق النصوص، فعلى سبيل المثال يضع بعض الألفاظ بين قوسين هلاليين؛ ليبرزها في المتن، فتكون محل نظر من القارئ، يلتفت إلى المراد منها، ومن ذلك الألفاظ الواردة في بيان عيب الإيطاء، مثل: "فإن جاء في بيت (رجل)، وفي بيت آخر (الرجل) بالألف واللام، لم يكن ذلك إيطاء"([13]). كما وظّف استخدام القوسين المعقوفين في إبراز ما أضافه من هامش المخطوط؛ مثل ما ورد في النص التالي: "يقال: صام النهار، إذا دَوَّمت الشمسُ في السماء. [ثبتت وسط السماء] وصام الفرس إذا قام"([14])، ويقول الدكتور عوني تعقيبًا على ذلك إنه رأى إضافة العبارة بالمتن توضيحًا للفظ (دومت)، ويسمى المعقوفان في علم التحقيق بعلامة التكملة الحديثة([15]) لما يحويان من إضافات يرى المحقق ضرورة عدم الاستغناء عنها. وأخيرًا لم يستخدم المحقق القوسين المزهرين للآيات القرآنية كما هو معروف في تحرير النص، وإنما وضعها بين علامتي التنصيص، فكانت مما يحسبه القارئ استشهادًا عاديًّا وليس بقرآن، من ذلك قول المصنِّف في أنواع حروف الروي: "وكذلك الألف التي تصير في الوصل نونًا نحو "لنسفعًا بالناصية" والتنوين الذي يصير في الوقف ألفًا..."([16])، وقد كتب أستاذنا الآية كاملة بالهامش منبهًا على رقمها ورقم السورة واسمها ونوعها: 15 ك العلق 96.
ولأن موضوع النص القافية، فهو يحتوي على عدد كبير من أبيات الشعر التي تحتاج إلى نوع تحرير خاص. وقد نبه الدكتور عوني في تقديم النص على الأخطاء الكثيرة بالأبيات التي أحدثت خللًا بالوزن العروضي([17])، وتم ضبط الأبيات ضبطًا كاملًا بالشكل، وكذلك تخريجها من الدواوين الشعرية وكتب اللغة والأدب. كذلك ذكر أستاذنا بحر البيت في متن النص بين معقوفين قبل البيت مباشرة.
أما عن التعليق على النص؛ فقد توسع أستاذنا في هذا الإجراء توسّعًا كبيرًا. فمن حيث الشكل قسّم سيادته الهامش السفلي إلى هامشين: الأول خاص بالمخطوط، واتخذ من الحروف الهجائية ترقيمًا له: (أ، ب، ج،...). أما الهامش الثاني فلسائر التعليقات الأخرى من توثيق مادة النص، وتخريج الشواهد، وتراجم الأعلام، والتوضيحات الأخرى، واتخذ من الأرقام العددية ترقيمًا له: (1، 2، 3،...).
أما من حيث المضمون؛ فتضم التعليقات محاور عدة اتّبع فيها أستاذنا التوسع والدقة، وجاءت على النحو التالي:
أولًا- التعليق على المخطوط: فبالإضافة إلى كونه مدرجًا في هامش خاص، تفرع النهج فيه إلى ثلاثة فروع:
1- تصحيح أخطاء النص: وقد صحح المحقق هذه الأخطاء في المتن منبهًا عليها في الهامش، وقد امتدت الأخطاء- إلى جانب الألفاظ والعبارات- إلى الشواهد من الحديث النبوي والأبيات الشعرية. كما أضاف أيضًا الألفاظ المطموسة بالمخطوط من اجتهاده حتى يستقيم المعنى.
2- حواشي النص: كما ذكرنا في تحرير النص أنه أضاف بعض نصوص حواشي المخطوط إلى المتن لإتمام المعنى والفائدة، لكنه كذلك في مواضع أخرى أضاف هذه النصوص في الهامش فقط لكونها دخيلة على المتن وليست ضرورية، كما ورد في الهامش التالي تعقيبًا على اسم علم (علقمة): "ورد بالهامش: علقمة هذا يكنى بالفحل، ويدعى أيضًا بحامي الظعائن، وقصته مشهورة"([18])؛ وهو علقمة بن عبدة الفحل شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، وقد عرفه د. عوني بالهامش أيضًا ذاكرًا مصادر ترجمته.
3- الزيادة والحذف: أضاف المحقق بعض العنوانات كما ذكرنا من قبل؛ غاية التوضيح والتنسيق، ونبّه على ذلك بالهامش. كذلك حذف بعض الألفاظ؛ غاية الترتيب والتنسيق؛ من مثل حذف لفظي: (فصل، وباب) من بعض العناوين، فالمصنِّف يكتب مثلًا: "فصل الإشباع"، فيحذف (فصل) ويبقي على (الإشباع) واضعًا قبلها ترقيمًا عدديًّا، لربطها بما قبلها وبعدها... وهكذا في مواضع عدة([19]). وهذا الحذف وإن كان غير مرجو في التحقيق ولا يؤيده الكثيرون([20])، فهو لا يؤثر على المعنى بشكل سلبي، وربما كان محمودًا في بعض المواضع؛ لأن غاية المحقق كانت الترتيب والتنسيق؛ لإبراز المعنى والربط بين الفصول والأبواب.
ثانيًا- توثيق مادة النص: إن توثيق مادة النص لهو من أهم الإجراءات التي يقوم بها المحقق؛ لأنه دور إجرائي يعتمد على المعرفة وإدراك المحقق لموضوع النص ومراده.
وقد لجأ أستاذنا للمصادر اللغوية؛ بغية توثيق المادة، وبالأخص ما صُنِّف في القافية بطبيعة الحال. ومصنَّفات القافية التي اعتمد عليها منها ما رجع إليه مخطوطًا لحداثة عهد التحقيق ومنها المطبوع، وهي: التصريع والقافية لابن القطاع (ت 515هـ) (مخطوط)([21])، وتلقيب القوافي وتلقيب حركاتها لابن كيسان (ت 320هـ)، كتاب القوافي لنشوان الحميري (ت 573هـ) (مخطوط)([22])، ولزوم ما لا يلزم لأبي العلاء المعري (ت 449هـ)، ومختصر القوافي لابن جني (ت 392هـ) (مخطوط)([23])، والوافي في علمي العروض والقوافي للتبريزي (ت 502هـ) (مخطوط)([24]). والرجوع إلى مصادر مخطوطة هو عمل شاق جدًّا للمحقق، فهو بمثابة تحقيق إلى جانب التحقيق الأصلي، وهو من المهام الصعبة التي كان ينتهجها المستشـرقون في تحقيقاتهم الأولى لنصوص التراث العربي، هذا النهج الذي سار بعض المحققين العرب على منواله كما فعل أستاذنا الدكتور عوني، ولم يدخر جهدًا نظير توثيق مادة النص والوصول به إلى أقرب صوره أرادها مؤلِّفه.
وقد اهتم الدكتور عوني بتوثيق المصطلحات من هذه المصادر، وكذلك اعتمد عليها في نقد بعض النصوص. من ذلك تعريف القافية [ص96، 70، 71، 72]، وتعريف العروض والضرب [ص79]، والتصريع [ص80]. ومن ذلك أيضًا تعليقه على حروف الروي بذكر أقوال الأخفش، وابن جني، والتبريزي، وأبي العلاء، ونشوان الحميري [ص99، 100].
ثالثًا- تخريج الشواهد: وهو الأمر الذي احتل أكبر حيز من التعليقات؛ بسبب من طبيعة النص الذي يتخذ من الأبيات الشعرية تحديدًا مصداقيته وتفسيره.
وقد توسَّع فيه أستاذنا توسُّعًا كبيرًا؛ حيث إنه ينسب البيت إلى صاحبه، ويذكر تمامه، ويفسر بعض ألفاظه، ويرده إلى الديوان والمصادر الأخرى التي استشهدت به. وواضح من التخريجات أنه عانى كثيرًا في نسبة الأبيات، فهي في معظمها لشعراء مجهولين ورد ذكرهم في المصنفات اللغوية والأدبية، كما أن هناك بعض الأبيات اختلف في نسبتها إلى صاحبها؛ من مثل البيت التالي:
وليس الغِنَى والفقرُ من شِيمَةِ الفتى                 ولكن حُظُوظٌ قُسِّمَتْ وجُدُودُ
ويعلق الدكتور عوني على البيت بأنه نُسِب إلى عبد الرحمن بن حسان بزهر الأدب، ونسب إلى رجل من بني قريع بشرح الحماسة للمرزوقي، ونسب إلى المخبل السعدي بالخزانة، ونسب إلى معلوط بعيون الأخبار وتاج العروس رواية عن ابن دريد الذي نسبه أيضًا إلى سويد بن حذاق العبدي([25]). وإنها لدقة شديدة من المحقق في تخريج الشاهد، وجهد كبير في استقصاء كل هذه المصادر.
ورغم كل ما بذله أستاذنا المحقق من جهد في تخريج هذه الشواهد، فإنه لم يعثر على نسبة ثلاثة عشر بيتًا، وقد أعاقه في ذلك ما ذكره في مقدمة التحقيق من أن "المؤلف يعمد إلى الاستشهاد على الشواذ والنادر في العروض والقافية بأبيات لا تضمها الكتب والمراجع بين دفتيها... هذا بالإضافة إلى أنه يستشهد أحيانًا بشطر البيت فقط... كما لا نستطيع أن نغفل ما سببه لنا الناسخ من متاعب، لما وقع فيه من خطأ عند نسخ الأسماء... لذلك كله وجب علي أن أرجع إلى كل الكتب الأدبية واللغوية التي وقعت عليها يدي، حتى أستطيع أن أهتدي إلى تحقيق الشواهد، ونسبتها إلى مؤلفها"([26]).
رابعًا- تراجم الأعلام: كذلك فقد توسَّع الدكتور عوني في ترجمة كل الأعلام الواردة في النص، حتى أنه في حال تكرار اسم العلم يحيل إلى ترجمته السابقة عندما ورد لأول مرة. وربما لم تكن تراجم الأعلام في الهامش من الأمور الواجبة على المحقق، خاصة إذا كان العلم مشهورًا، ففي هذا الكتاب لم يستثن أستاذنا أي علم من الترجمة وإن كان كذلك، فترجم حتى للصحابي الجليل علي بن أبي طالب، وكذلك من اللغويين المشهورين الخليل بن أحمد وابن دريد... إلخ، وقد توسع كذلك في ذكر مصادر الترجمة؛ فمثلًا يذكر تسعة مصادر في ترجمة النابغة الذبياني، وهذا يدل كذلك على الجهد الكبير الذي بذله المحقق في استقصاء المصادر وإن كانت لا تتعلق بتوثيق مادة النص وشواهده.
أما في ما يتعلق بمكملات التحقيق: القبلية (تقديم النص)، والبعدية (الكشافات)؛ فكان في كل منهما ما يستحق الوقوف عنده؛ لما يضيفه من قيمة إلى النص المحقق.
أولًا- تقديم النص: وقد احتوى على تمهيد يضم تعريفًا بالنص، وأغلب مصادر التحقيق، ووصف المخطوط، وتنبيه على الأخطاء الكثيرة المكررة بالنص. ثم أهمية الكتاب، ثم ترجمة المؤلف، ثم صور من المخطوط.
وأكثر ما يميز هذا التقديم هو الترجمة التي وضعها الدكتور عوني للمصنِّف أبي يعلى التنوخي، وهي تعد الترجمة المفصلة الأولى له، التي استطاع من خلالها إثبات نسبه في شجرة (التنوخيين)، وأيضًا إثبات تلمذته لأبي العلاء المعري صاحب اللزوميات.
ثانيًا- الكشافات: وضمت ستة فهارس، منها اثنان لا يتعلقان بالنص نفسه، وإنما بالتحقيق، وهي بترتيب المحقق:
1-  فهرس الأعلام الواردة بالكتاب.
2-  فهرس الأشعار الواردة بالكتاب.
3-  فهرس الأرجاز الواردة بالكتاب.
4-  فهرس الكتب التي ورد ذكرها بالتعليق.
5-  فهرس الاصطلاحات الواردة بالكتاب.
6-  فهرس مراجع التحقيق.
ويعد غريبًا إدراج كشاف للكتب الواردة بالتعليق بين كشافات النص، فالمتعارف عليه والمستقر في أدبيات تحقيق النصوص العربية والاستشـراقية على حد السواء- هو أن الكشافات من الإجراءات التي تتعلق بالنص فقط، وغير مطلوب من المحقق عمل كشافات للتعليقات. وعلى الرغم من ذلك فهذا يعد مبالغة في التيسير على القارئ من قِبَل المحقق، وهذا من أكثر ما يميز منهج الدكتور عوني؛ حيث إخراج العمل في صورة لا تحتمل أدنى أنواع الخلط. وعليّ أن أعترف أن هذا الكشاف المتعلق بالتعليقات يَسَّر من عملي في تصنيف مصادر التحقيق واستخدامها. ومع ذلك كان من الأولى إدراج هذا الكشاف في نهاية قائمة الكشافات المتعلقة بالنص، لوضع الحدود بين النص والتعليق عليه.
وكان مهمًّا أيضًا هذا الكشاف الذي وضعه الدكتور عوني عن مراجع التحقيق؛ فهو إضاءة مهمة لعمل المحقق المثابر، ومن خلاله نستطيع أن نحدد مدى امتلاك المحقق لأداته المعرفية بالتراث العربي، كذلك مدى الجهد الذي بذله في استقصاء صحة النص، وربطه بعلوم العربية جميعًا. وأكثر ما يميز تلك القائمة من المراجع هذه المراجع المخطوطة التي رجع إليها أستاذنا كما سبق وذكرنا في التعليق على النص. كذلك فقد رجع إلى مصنفات عربية من تحقيقات المستشـرقين، وهي كذلك مراجع لها قدر من الصعوبة في التعامل معها؛ لأن جهازها النقدي مكتوب بلغة المستشـرق، وربما كان هذا يسيرًا على أستاذنا نظرًا لامتلاكه الأداة اللغوية، ومكوثه في هذه الفترة التي أنجز فيها رسالته للدكتوراه- في جامعة جوتنجن بألمانيا بين طبعات ودراسات المستشـرقين. ورغم ذلك أفصح أستاذنا في تقديم النص عن الصعوبات التي واجهها في الحصول على المراجع العربية في هذا التاريخ؛ حيث يقول: "ولم يكن هذا بالعمل اليسير لوجودي آنذاك بمدينة جوتنجن بألمانيا الغربية، وقلة المراجع التي يمكن الرجوع إليها في هذا الصدد، سواء بهذه المدينة أو بغيرها من المدن الأوربية التي كنت أحصل من دور كتبها على ما بها من كتب عربية تفيدني في البحث، عن طريق زيارة هذه الدور والانتقال إليها، أو الإرسال في طلبها بالبريد"([27]).
ولأن تحقيق النصوص ليس بالعمل الإجرائي بالنسبة إلى المحقق وحسب، فنجد أن اهتمام أستاذنا الدكتور عوني قد امتد إلى دراسة موضوع القافية في دراساته اللاحقة؛ حيث قدَّم دراسة مهمة في كتاب "القافية والأصوات اللغوية"([28]) عن القافية في اللغات السامية وفي العربية وفي الشعر الأوربي. وهذا الكتاب دراسة حديثة لموضوع القافية أفاد فيها أستاذنا من معرفته باللغات السامية (الأكَّادية، والسـريانية، والعبرية، والحبشية)، كذلك أفاد من معرفته الكبيرة بدراسات المستشـرقين لهذا الفن اللغوي في العربية والساميات. لكن ما نود قوله ونؤكد عليه إن أستاذنا أفاد كثيرًا من مصنَّفات التراث العربي في هذا الفن، وهذه الإفادة لم تكن لتتبلور لولا تحقيق ما صنفه العرب الأوائل، فقد امتد تحقيق الدكتور عوني لنص كتاب القوافي لأبي يعلى التنوخي إلى ما هو أبعد من النص المحقق. فتحقيق النص هو دراسة دقيقة لنصوص التراث العربي، يمكن أن نفيد منها في دراستنا الحديثة.
(1/ 2) شرح كتاب سيبويه لأبي سعيد السيرافي:
أسهم الدكتور عوني مع مجموعة كبيرة من الأساتذة في تحقيق هذا الكتاب المهم، الذي صدر عن مركز تحقيق التراث بدار الكتب والوثائق القومية في ثمانية عشـر جزءًا([29]). فقدَّم تحقيق الجزء الخامس (2003م)، والجزء السادس (2004م)، وراجع تحقيق الجزء العاشر (2006م). وهذا التحقيق يعد النشـرة الأولى لهذا الكتاب الذي ظل لسنوات طويلة-على أهميته- مرجعًا مخطوطًا للباحثين. فشرح السيرافي من أهم شروح الكتاب، بما هو الشرح الكامل الأول للكتاب، وصاحبه هو اللغوي النحوي أبو سعيد السيرافي (ت 368هـ) من أهم علماء القرن الرابع الهجري.
ولهذا الكتاب طبعة أخرى لاحقة عن دار الكتب العلمية في خمسة أجزاء (2008م)، ولكنها للأسف الشديد طبعة غير علمية، فمن الواضح جدًّا أنها مأخوذة عن طبعة دار الكتب، فلا حديث عن مخطوطات اعتمدت عليها، ولا حديث عن منهج تحقيق، حتى أن القائمين عليها اقتبسوا أجزاء من مقدمة طبعة دار الكتب في مقدمتهم المزعومة. وما العجب إن كان هذا عهدنا بنشرات هذه الدار!
أما المخطوطات التي اعتمدتها لجنة السيرافي في تحقيق النص، فقد بلغت اثني عشر مخطوطًا محفوظة بدار الكتب المصـرية، وأيضًا بالمكتبة السليمانية باستنبول مصورةً بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، ومنها مخطوطات كاملة للكتاب، ومنها مخطوطات بها أجزاء منه. وفي تقديم الجزء الأول ذكر لمخطوطات أخرى لم يتسن للجنة الوصول إليها([30]).
وأما بالنسبة إلى إجراءات التحقيق الأخرى، فلا يوجد ثمة اختلاف عن منهج أستاذنا في تحقيق كتاب القوافي، اللهم إلا مقابلة النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق، فهذه مرحلة لم تتوافر لتحقيق كتاب القوافي نظرًا لنسخته الوحيدة المعتمد عليها. ومن الجدير بالذكر أن لجنة السيرافي اعتمدت في الأجزاء الأولى على طبعة بولاق (1898- 1899م) لكتاب سيبويه في مقابلة نصه في شرح السيرافي، وفي الجزء الخامس الذي حققه الدكتور عوني نجده يعتمد على طبعة الأستاذ عبد السلام هارون (1966- 1977م) التي صدرت في خمسة أجزاء. ونشرة الأستاذ هارون بالطبع هي الأدق صحة والأكثر اطمئنانًا في المقابلة.
---
وقبل أن أتم الحديث عن إسهام أستاذي الجليل في تحقيق نصوص التراث العربي، لا بد أن أذكر إشرافه العلمي الذي منحني إياه في مرحلة الدكتوراه؛ بما أتاحه لي من تقديم مشروع رسالة الدكتوراه في تحقيق نص معجمي، وهو كتاب الأفعال لابن القوطية (ت367هـ) ([31]). فقد تحمس كثيرًا لهذا العمل، وكان سببًا- بعون الله وفضله- في فتح باب تسجيل الرسائل العلمية في تحقيق النصوص في كلية الألسن. ومن الجدير بالذكر هنا أن الدكتور عوني هو الأستاذ الوحيد بكليتنا الذي يدرس بمرحلة الدراسات العليا في نطاق المواد اللغوية- علم تحقيق النصوص والاستشراق، فأنا مدينة له تعريفي بهذين العِلْمين، فقد تخطى بأستاذيته المخلصة الجادة حاجز اللوائح التي تمنعنا من الاتصال بتراثنا العربي وتحقيق نصوصه.
وهذا المعجم اللغوي- كتاب الأفعال- من أوائل معجمات الأبنية العربية، بل هو الأول في باب تصنيف معجمات الأفعال الشاملة، وقد نشره لأول مرة المستشـرق الإيطالي الكبير إجناتسيو جويدي في ليدن (1894م) معتمدًا نسخة خطية واحدة، ثم نشـره علي فودة استنادًا إلى طبعة جويدي في (1952م)، وهي الطبعة العربية المتداولة للكتاب منذ أكثر من خمسين عامًا. وأحققه اليوم- بفضل الله- تحت إشراف أستاذيّ الجليلين الدكتور محمد عوني عبد الرءوف والدكتورة إيمان السعيد جلال- استنادًا إلى ثلاث نسخ خطية جديدة توافرت لدينا من مكتبات العالم، بالإضافة إلى طبعة جويدي. أسأل الله أن يجعله ثمرة ما زرعه أستاذي فيّ من حب وإخلاص للتراث العربي وتحقيق نصوصه.
***
(2) إصدار تحقيقات المستشرقين لنصوص التراث العربي؛ مترجمةً ومصحوبة بدراسات:
والإصدار الجديد لتحقيقات المستشـرقين ليس بتحقيق جديد للنص، ولا هو نقد لتحقيق النص، وإنما هو بمثابة تفسير النشـرة الاستشـراقية للقارئ العربي، في طبعة جديدة مترجمةً، ومصحوبةً بدرسات علمية.
وقد تفرد أستاذنا الجليل بهذا الفرع من إسهامه في تحقيق النصوص ونقده- بين أقرانه من الأساتذة الأجلاء المشتغلين بتحقيق النصوص في زماننا. فقد أخذ على عاتقه إعادة إصدار تحقيقات بعض المستشـرقين التي رأى فيها فائدة جمة، وليس لها نظير في النشرات العربية. وقام في إصداره الجديد لها بترجمة كل ما يتصل بالجهاز النقدي للنص الذي كتبه المستشـرق بلغته. وبالطبع كانت الأداة اللغوية لأستاذنا هي مفتاح هذه الإصدارات الجديدة، وكذلك إدراكه الفذ بخصوصية طريقة الصياغة اللغوية للمستشـرقين في هذا الفن من مصطلحات واختصارات.
ومن الجدير بالذكر أن الدكتور عوني هو صاحب اقتراح سلسلة ذخائر التراث العربي من تحقيقات المستشـرقين الصادرة عن مركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية؛ فقد اقترحها عندما كان عضوًا باللجنة العلمية لمركز تحقيق التراث (2000- 2004م)، ومنها بدأ إصدار أول عمل عنها وهو ديوان عبيد بن الأبرص تحقيق المستشرق تشارلز لايل.
ويضم هذا الفرع من إسهامه الأعمال الخمسة التالية في الأدب والتراجم، مرتبة وفق تاريخ إصدارها:
1- الطبقات الكبير لابن سعد، تحقيق المستشـرق الألماني زاخاو Sachau ومجموعة من المستشـرقين، في ثمانية أجزاء، دار التحرير، القاهرة، 1967- 1968م.
2- ديوان عبيد بن الأبرص، تحقيق المستشـرق الإنجليزي تشارلز لايل Charls Lyall، الطبعة الأولى: مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق القومية، سلسة ذخائر التراث العربي من تحقيق المستشـرقين، رقم1، 2003م. الطبعة الثانية: الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، 2009م.
3- ديوان عامر بن الطفيل، تحقيق المستشـرق الإنجليزي تشارلز لايل، الطبعة الأولى: مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق القومية، سلسة ذخائر التراث العربي من تحقيق المستشـرقين، رقم2، 2003م.
4- كتاب الفهرست، للنديم، تحقيق المستشـرق الألماني جوستاف فليجل Flügel، في جزأين، سلسلة الذخائر، رقم 149- 150، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2006م. بمشاركة الدكتورة إيمان السعيد جلال.
5- تأريخ الحكماء، للقفطي، تحقيق المستشـرق الألماني يوليوس ليبرت Julius Lippert، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الأولى: 2008م، والثانية: 2014م.
وأعلم أيضًا أن أستاذي- الآن- بصدد العمل على إصدار كتاب الملل والنحل للشهرستاني، تحقيق المستشـرق الإنجليزي وليم كيرتون William Cureton.
(2/ 1) الطبقات الكبير لابن سعد:
حقق زاخاو هذا الكتاب بمعاونة تلاميذه في ليدن (من 1904م حتى 1918م)، واعتمدوا في تحقيقه على خمس مخطوطات. وقد توافرت لهذه الطبعة من الأسباب ما جعلها في مقدمة تحقيقات المستشـرقين الجيدة والدقيقة؛ حيث توافر عليها مجموعة من أهم المستشـرقين المشتغلين بالتراث العربي واللغات السامية، ومنهم فريدريش شفاللي، ويوليوس ليبرت، وكارل بروكلمان. كما حظيت هذه الطبعة بمراجعة الشيخ محمد عبده، وقد حرص زاخاو لدقته العلمية على إيراد تصحيحاته هذه بالطبعة([32]). فلما لهذه الطبعة من قيمة علمية جليلة، حرص الدكتور عوني على ترجمة تعليقات زاخاو وتلاميذه في (568) صفحة، مع إصدار طبعة ليدن في حلتها الجديدة كما هي.
وقد حرص الدكتور عوني على ترجمة عبارة المستشـرقين الألمانية ترجمة أمينة؛ لأنه أراد أن يجعل القارئ العربي يتعرف أسلوب كل مستشـرق، وطريقته في الكتابة، كذلك فإنه نبه القارئ العربي في الهامش إلى بعض التعبيرات الغربية المحضة، والآراء المخالفة التي لنا فيها رأي آخر([33]).
وقد عدّل أستاذنا في ترجمة التعليقات عدة أمور؛ حيث يقول: "قمتُ بتعديل أرقام الآيات القرآنية الوارد ذكرها بالتعليق، حتى تطابق الأرقام الواردة بالمصاحف التي بين أيدينا. كذلك عَدَلْتُ عن اتباع طريقة المستشـرقين التي اصطلحوا عليها في الاكتفاء بإيراد الأعداد الرومانية لصيغ الأفعال المجردة والمزيدة، لغرابتها على القارئ العربي. فبدلًا من أكتب: (حضـر X) مثلًا، أكتب (استحضـر)"([34]). وهذه من الصعوبات التي تواجه الباحثين الذين يلجأون إلى طبعات المستشـرقين، بالإضافة إلى الاختصارات الكثيرة التي يستعملونها في التقديم أو التعليق، والتي تضفي غموضًا على النص بالنسبة إلى الباحث.
ولطبقات ابن سعد طبعة حديثة في أحد عشـر جزءًا من تحقيق الدكتور علي محمد عمر، صدرت عن مكتبة الخانجي بالقاهرة (2001م)، واعتمد فيها المحقق على أربع نسخ خطية، بالإضافة إلى طبعة زاخاو. ويذكر المحقق في تقديم طبعته أنه أفاد من ترجمة تعليقات طبعة ليدن التي ترجمها الدكتور عوني([35]). كذلك يثبت بالأدلة نقص طبعة ليدن وأن بها تصحيفات وتحريفات، ويقدم بذلك تحقيقًا علميًّا جديدًا، مُفيدًا فيه من طبعة المستشـرق، وغير متجاهل لها، معلنًا كذلك أهمية ما قدمه الدكتور عوني من ترجمة لتعليقات كان من الممكن أن يتجاهلها ولا يفيد منها إن كانت غير مترجمة.
(2/ 2) ديوان عبيد بن الأبرص:
(2/ 3) ديوان عامر ابن الطفيل:
هما التوأم الذي أصدره المستشـرق الإنجليزي السير تشارلز لايل في مجلد واحد في لندن وليدن عام 1913م. وأعاد إصداره الدكتور عوني في عملين منفصلين ضمن أعمال سلسلة ذخائر التراث العربي من تحقيقات المستشـرقين، مع ترجمة المقدمة والتعليقات إلى العربية، وتصديرهما بمقدمة عربية عن كلا التحقيقين وطبعاتهما وصاحبيهما.
وقد أسند الدكتور عوني ترجمة مقدمة ديوان عبيد بن الأبرص إلى الدكتورة سهير جمال الدين محفوظ، وترجمة مقدمة ديوان عامر بن الطفيل إلى الدكتورة جيهان شعبان، وترجم سيادته تعليقات تشارلز لايل على الديوانين. كما أنه وضع تصديرًا لكلا الديوانين بمثابة الدراسة عن الشاعر والديوان، وجهد المستشـرق في التحقيق، وكذلك قائمة نقدية لطبعات الديوان العربية. وأيضًا ألحق الدكتور عوني بكلا التحقيقين ترجمة تشارلز لايل لأشعار الديوانين؛ لتكون مرجعًا مهمًا للباحثين "لأن هذه الترجمة تمثل للقارئ العربي فهم لايل للشعر العربي، وتبين مقدار تمكنه من اللغة العربية، وتقدم أحيانًا نموذجًا لترجمة الشعر العربي إلى شعر باللغة الإنجليزية يحافظ على الوزن العربي الذي نظم فيه، وجاءت المحاولة جديرة بالاهتمام ومثيرة للإعجاب"([36]).
وبالنسبة إلى ديوان عبيد بن الأبرص تعد هذه الطبعة التي أصدرها الدكتور عوني من تحقيق المستشـرق هي الأدق والأجود للديوان، فالطبعة العربية الأخرى التي أصدرها الدكتور حسين نصار عن مطبعة مصطفى البابي الحلبي عام 1957م- كانت استنادًا إلى طبعة تشارلز لايل أيضًا، دون الرجوع حتى إلى النسخة الخطية التي اعتمدها لايل. فلم تضف هذه الطبعة جديدًا؛ لذلك يظل تحقيق لايل هو الأدق والأجود والأوفى، ويزيد من قيمته- الآن- سهولة الرجوع إليه بعد ما أضافه إليه الدكتور عوني في إصداره الجديد([37]).
وبالنسبة إلى ديوان عامر بن الطفيل فيصرح الدكتور عوني أن أفضل طبعة لهذا الديوان هي طبعة الدكتور أنور أبو سويلم، بدار الجيل، بيروت عام 1996م، وأن المحقق لاحظ أن ثمة قصائد عدة لم تنشر بطبعة لايل، وأن طبعة المستشـرق عزيزة المنال ولا توجد إلا في المكتبات الكبرى القديمة([38]). لكن بهذا الإصدار الثاني المترجم لتحقيق لايل لم تعد هذه الطبعة عزيزة المنال، ويمكن الرجوع إليها والإفادة من تعليقات لايل عليها وترجمته الإنجليزية لأشعار الديوان.
(2/ 4) الفهرست للنديم:
حققه لأول مرة المستشـرق الألماني جوستاف فليجل في جزأين في ليبزج، وصدر الجزء الأول عام 1871م، وصدر الجزء الثاني بإشراف تلميذيه يوهانس ريديجر وأوجست ميللر في عام 1872م. ولأن هذه الطبعة الاستشراقية ظلت لزمن طويل هي أجود طبعات الفهرست- أخذ الدكتور عوني على عاتقه إعادة إصدارها في حلة جديدة بمعاونة الدكتورة إيمان السعيد جلال، فأصدراها ضمن أعمال سلسلة الذخائر في جزأين؛ مصحوبةً بدراسة تقديمية عن النص ونسخه ونشـراته، وترجمة المقدمات والتعليقات، ومضيفين إليها كشافات نوعية جديدة للأعلام، والطوائف والفرق والجماعات، والأماكن والمدن والبلدان، والقوافي، كما أضافا قائمة بالمراجع التي استعان بها فليجل وتلميذاه في التحقيق. وكما هو عهد الدكتور عوني في إيمانه بفكرة العمل العلمي الجماعي فقد أسند ترجمة مقدمات طبعة فليجل إلى الدكتور محسن الدمرداش من اللغة الألمانية. كما قدمت الدكتورة إيمان السعيد للجزء الثاني الذي يحوي التعليقات والكشافات بمقدمة عن صعوبات العمل، وطريقة ترجمة التعليقات، وطريقة عمل الكشافات.
وقد أضاف الأستاذان الجليلان إلى طبعة فليجل مقابلة النص على طبعتين أخريين للكتاب، وهما طبعة إيران لرضا تجدد (طهران 1971م)، وطبعة بيروت ليوسف علي الطويل (1966م)([39])؛ لأنهما يختلفان في إقامة النص عن طبعة فليجل ويعتمدان على نسخ خطية أخرى غير التي اعتمدها([40]). وهذه المقابلة بما أثقلت به العمل من قيمة جديدة في القراءات المختلفة؛ أقامت النص على نحو أدق وأجود من طبعة فليجل. لكن الأستاذين الجليلين آثرا الإبقاء على طبعة فليجل كما هي فأثبتا القراءات الجديدة بالهامش، كذلك حافظا على ترتيب الصفحات بطبعة فليجل؛ "حتى يفيد الدارس المتخصص عند الرجوع إلى دراسات قديمة يرد فيها ذكر الفهرست، أو تنقل نصوصًا منه تذكر أرقام الصفحات التي تنقل عنها، وذلك لأهمية كتاب الفهرست، وكثرة رجوع المتخصصين إليه"([41]).
وإن الجهد الذي بذله الأستاذان الجليلان في إصدار هذه الطبعة إنما هو عمل تحقيقي بامتياز لنص الفهرست، بما ضمه من دراسات، وإثبات قراءات مختلفة، وكشافات نوعية، وغيرها من الأمور التي هي من إجراءات التحقيق العلمي. وقد أشاد الدكتور أيمن فؤاد سيد- صاحب آخر طبعات الفهرست وأجودها- بهذا الإصدار المهم من طبعة فليجل، فيقدر قيمة ترجمة مقدماتها وتعليقاتها، وكذلك قيمة كشافاتها بقوله: "وبذلك فقد أتاحت هذه الترجمة لأول مرة للقارئ العربي الاطّلاع على عمل فليجل في كتاب الفهرست وتقييمه؛ لأن من يجيد اللغة الألمانية بين المتخصصين في الدراسات الإسلامية قلة. وامتازت هذه النشـرة كذلك بصناعة كشافات تحليلية للأعلام، والطوائف والأمم والجماعات والفرق، والأماكن والمدن والبلدان، والقوافي، لكنها خلت مثل نشـرة فليجل، من كشاف بأسماء الكتب، علمًا بأنه الموضوع الأساسي للكتاب"([42]).
(2/ 5) تأريخ الحكماء للقفطي:
نشره المستشـرق الألماني يوليوس ليبرت في ليبزج 1903م، اعتمادًا على ثلاثة عشر مخطوطًا. وأعاد إصدار هذه الطبعة أستاذنا الدكتور عوني مترجمًا مقدمات التحقيق، والتعليقات، وملحقًا بها دراسة في حوالي مئتي صفحة تحتوي على ثلاثة مباحث: الأول عن المصنِّف القفطي، والمحققين أوجست ميللر ويوليوس ليبرت، ومنهج التحقيق، ومخطوطات الكتاب، وطبعاته، والثاني: به مقالات نقدية للمستشـرقين على هذا الكتاب وطبعته مترجمةً إلى العربية، والثالث: به تعريف بأعلام العرب والغربيين الوارد ذكرهم في مقدمة المحقق والمترجم، وأخيرًا قائمة بالمراجع التي كتبت عن تأريخ الحكماء، وقائمة بمراجع المحقق والمترجم.
وقد حافظ أستاذنا كذلك في هذا الكتاب- كسابقيه- على صفحات طبعة المستشـرق كما هي بالطبعة الأولى، بل احتفظ بطريقة طباعتها القديمة بتصويرها من الأصل، في ما عدا التعليقات التي ترجمها إلى العربية. ونبه أستاذنا في مقدمته على منهجه في ترجمة التعليقات، وكذلك نبه على أنه أجرى تصويبات ليبرت التي وردت في قائمة باللغة الألمانية- أجراها على النص نفسه؛ لأنها تصويبات متعلقة بحركات الإعراب ونقاط الحروف([43]).
ويعد هذا الإصدار من كتاب تأريخ الحكماء هو الأجود بين طبعات الكتاب؛ لأن طبعة يوليوس ليبرت محققة تحقيقًا علميًّا دقيقًا. أما الطبعات الأخرى للكتاب فلا ترقى إلى مستوى النشر العلمي، ومنها طبعة مكتبة السعادة المصرية (1326هـ) التي اعتمدت على طبعة ليبرت بالإضافة إلى ثلاث مخطوطات محفوظة بدار الكتب المصـرية، وقد رجع ليبرت إلى هذه المخطوطات في تحقيقه، فهي لم تقدم جديدًا للنص. وكذلك طبعة دار الكتب العلمية (2005م) التي لم يصـرح القائم عليها على أي مخطوطات اعتمد، وأي منهج اعتمد في تحقيقه، وربما اتخذ من طبعة ليبرت أو طبعة السعادة أصلًا له، وهذا هو عهدنا بطبعات هذه المكتبة!
فقد حفظ الدكتور عوني لهذه الطبعة قيمتها في إعادة إصدارها، وأضاف إليها ترجمته لتعليقات ليبرت؛ لتكون سهلة الاستخدام بين الباحثين، كما أن ترجمة كل الدراسات المتعلقة بالكتاب والتحقيق أضفت عليها إضاءات علمية جديدة لم تكن بالطبعة الأصلية.
---
وفي الإجمال نلاحظ ما يلي على إصدارات الدكتور عوني لتحقيقات المستشـرقين:
1- حفظ الدكتور عوني هذه الطبعات القديمة للمستشـرقين من الاندثار، وقدَّمها في صورة يسيرة للقارئ العربي، كما أن بعضها هو التحقيق الأجود للكتاب على الرغم من طبعاته العربية الأخرى التي تفتقد إلى النشر العلمي، كما هي الحال في ديوان عبيد بن الأبرص، وتأريخ الحكماء للقفطي.
2- أفاد أصحاب الطبعات العربية الجيدة من تحقيقات المستشـرقين التي أصدرها الدكتور عوني وأشادوا بها؛ بسبب من سهولة البحث فيها والاعتماد عليها، من مثل كل من الدكتور علي محمد عمر صاحب تحقيق الطبقات الكبير لابن سعد، والدكتور أيمن فؤاد سيد صاحب تحقيق الفهرست للنديم.
3- تميزت هذه الإصدارات الجديدة لتحقيقات المستشـرقين بدراسات علمية مهمة عن مصنِّف النص ومحققه وموضوعه ومخطوطاته وطبعاته، وفي أحيان كشافات نوعية جديدة لم يصنعها المستشـرق، كما هي الحال في الفهرست للنديم.
4- اتسع اهتمام الدكتور عوني بالتراث العربي ليشمل مصنفات كتب التراجم والدواوين الشعرية إلى جانب اهتمامه الأساسي بالمصنفات اللغوية.
5- غلب على عمله في إصدار طبعات المستشـرقين العمل الجماعي، فهو شديد الإيمان بفكرة التعاون العلمي؛ لذلك أسند ترجمة بعض مقدمات المستشـرقين إلى عدد من الزملاء، وشاركته الدكتورة إيمان السعيد في إصدار طبعة كتاب الفهرست.
***
(3) نقد تحقيقات المستشـرقين:
قدم الدكتور عوني في كتابه (جهود المستشـرقين في التراث العربي بين التحقيق والترجمة) في أجزائه الثلاثة- مجموعة من المباحث في نقد تحقيقات المستشـرقين، وهي على النحو التالي:
1-  زاخاو Sachau وبروكلمان Brockelmann وتحقيق طبقات ابن سعد.
2-  توماس كوشينفسكي وتحقيق طبقات خليفة بن خياط.
3-  جمعية المستشـرقين الألمان وتحقيق الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي.
4-  ألبرت ديتريش  Albert Dietrich وتحقيق ترجمة شرح كتاب دياسقوريدوس في هيولى الطب.
5-  أنطوني بيفان Anthony Bevan وتحقيق نقائض جرير والفرزدق.
6-  تشارلز لايل Charls Lyall وتحقيق المفضليات لأبي عبيدة، وتحقيق ديواني عبيد بن الأبرص وعامر بن الطفيل.
7-  جوستاف فليجل Flügel وتحقيق الفهرست للنديم.
8-  فريتس كرنكوف Fritz Krenkow وتحقيقاته.
9-  وليم كيرتون William Cureton وتحقيق الملل والنحل للشهرستاني.
10-  يوليوس ليبرت Julius Lippert وتحقيق تأريخ الحكماء للقفطي.
وشاركت الدكتورة إيمان السعيد جلال الدكتور عوني في هذا الكتاب، فقدمت من هذا الفرع:
11-   فان فلوتن van Vloten وتحقيق مفاتيح العلوم للخوارزمي.
كما ينضم إلى ما سبق ما قدمتُه في رسالتي لنيل درجة الماجستير بإشراف أستاذي الدكتور محمد عوني عبد الرءوف والدكتور إيمان السعيد جلال، تحت عنوان: جهود المستشـرقين الإنجليز في تحقيق التراث اللغوي العربي([44])، ويضم:
12-  ماثيو لمسدن Matthew Lumsden وتحقيق القاموس المحيط للفيروزآبادي.
13- وليم رايت William Wright وتحقيقا صفة السـرج واللجام وصفة السحاب والغيث لابن دريد، وتحقيق تلقيب القوافي وتلقيب حركاتها لابن كيسان.
14-  فريتس كرنكوف Fritz Krenkow وتحقيق جمهرة اللغة لابن دريد، وتحقيق كتاب الأفعال لابن القطاع.
وكل هذه المباحث السابقة دراسات وصفية نقدية لتحقيقات المستشـرقين، بالإضافة إلى ترجمة وافية للمستشـرق، وتعريف وافٍ بالمصنَّف موضع التحقيق وصاحبه.
وهذا النوع من الدراسة المسمى بــ (نقد التحقيق) يُدلي بنتائج مهمة في باب تاريخ علم تحقيق نصوص التراث العربي، والمراحل التي مر بها هذا العلم، وخاصة في مرحلته الاستشـراقية، كما يعطي صورة دقيقة للغة الاستشـراق في تحقيق النص، ويدل على مفاتيح التعامل معها من اختصارات واصطلاحات ومراجع. كذلك فإن نقد تحقيقات المستشـرقين مع مقارنتها بالطبعات اللاحقة عليها يدل على أجود الطبعات المتاحة للباحثين، ويساعد في تنقية طبعات التراث العربي مما شابها من قصور.
***

خاتمة:
رصد البحث عددًا من النتائج، ألخصها في ما يلي:
1- لم يقتصـر اهتمام الدكتور عوني عبد الرءوف على تحقيق نصوص مخطوطات التراث العربي التي لم تنشر من قبل، وإنما امتد اهتمامه ليشمل نقد تحقيقات المستشرقين تحديدًا، وكذلك امتد ليشمل فرعًا لم يسبق لأحد الاهتمام به؛ هو إعادة إصدار نشـرات المستشـرقين مفسـرة للقارئ العربي عن طريق الترجمة والدراسة. ولم يقتصـر اهتمام الدكتور عوني في هذه الفروع الثلاثة على المصنَّفات اللغوية التي هي أساس تخصصه؛ وإنما امتد إلى المصنفات الأدبية وكتب التراجم.
2- اتبع الدكتور عوني في تحقيق النص منهجًا مضطردًا منضبطًا جدًّا؛ أعان فيه القارئ على استيعاب منهج المصنِّف في التأليف، كما أعانه على تفسير كل ما يتصل بالنص عن طريق التحرير بالضبط والترقيم، والهوامش الموسَّعة، والمكملات من مقدمات، وكشافات دقيقة امتدت إلى ما هو أبعد من النص نفسه.
3- كان لنا عدد من الملاحظات على  إصداراته الجديدة لتحقيقات المستشـرقين، كان من أهمها  تأثيرها المهم على النشـرات العربية اللاحقة للأعمال نفسها، كما أنها حفظت هذه التحقيقات- التي لم يكن لها بديل في النشـرات العربية- من الاندثار، وقدمتها في صورة يسيرة للقارئ العربي.
4- لم يكن هناك للدكتور عوني إسهام نظري في علم تحقيق النصوص ونقده، على الرغم من كثرة الأعمال التي قدمها من تحقيق ونقد للتحقيق وإصدارات جديدة لتحقيقات المستشـرقين. وعلى الرغم أيضًا من صلته بالمدرسة الاستشـراقة في هذا المجال؛ فإنه لم يتأثر بالجهاز الاصطلاحي لها، فعلى سبيل المثال لم يستخدم مصطلح (النشـرة النقدية) بدل من مصطلح (التحقيق) في كل ما قدمه.
5- إن تحقيق نصوص المخطوطات العربية كان البداية الأولى للدكتور عوني على طريق العلم؛ حيث فتح له آفاقًا كثيرة متنوعة عن التراث العربي وعن إسهامات المستشـرقين فيه، وأتاح له تقديم دراسات متطورة في مجال تخصصه. وهو الأمر الذي لم يصبح متاحًا لكثير من الباحثين في زماننا؛ حيث بات التحقيق وباتت المخطوطات في آخر سلم اهتمام التعليم الجامعي!
إن هذا الجيل المميز من العلماء الذي منحنا الله- عز وجل- شرف التلمذة له والأخذ عنه- يستحق منا فحص منجزه في كل المجالات التي تناولها([45]). وأستاذي الدكتور عوني عبد الرءوف أحد هؤلاء الذين يستحقون منا ذلك؛ فمنجزه العلمي طال فروعًا شتى في العربية وغيرها من اللغات، وإسهامه في مجال الترجمة خاصةً يحتاج إلى فحص شامل ودراسة دقيقة؛ لما قدمه من ترجمات كثيرة ومهمة من العربية وإليها.
***
المراجع:
1)  تأريخ الحكماء، للقفطي، تحقيق: يوليوس ليبرت، ترجم حواشيها ومقدمتها وأضاف إليها: د. عوني عبد الرءوف، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الثانية، 2014م.
2)    تحقيق النصوص ونشرها، لعبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة السابعة، 1998م.
3)  جهود المستشـرقين الإنجليز في تحقيق التراث اللغوي العربي/ دراسة تحليلية لنماذج من القرنين التاسع عشر والعشرين، هالة جمال القاضي، مكتبة الآداب، القاهرة، 2015م.
4)  جهود المستشـرقين في التراث العربي بين التحقيق والترجمة، د. عوني عبد الرءوف، إعداد وتقديم: د. إيمان السعيد جلال، مكتبة الآداب، القاهرة، ثلاثة أجزاء، 2011- 2015م.
5)  ديوان عامر بن الطفيل، تحقيق: تشارلز لايل، تقديم وإعداد وترجمة: د. عوني عبد الرءوف، سلسلة الذخائر من تحقيقات المستشـرقين (2)، مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق القومية، 2003م.
6)  ديوان عبيد بن الأبرص، تحقيق: تشارلز لايل، تقديم وإعداد وترجمة: د. عوني عبد الرءوف، سلسلة الذخائر من تحقيقات المستشـرقين (1)، مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق القومية، الطبعة الأولى، 2003م.
7)  ديوان عبيد بن الأبرص بين تحقيقين، للدكتور أحمد عبد الباسط، مجلة التراث، جامعة زيان عاشور، الجلفة، الجزائر، العدد الثامن، أوت 2013م.
8)  شرح كتاب سيبويه، لأبي سعيد السيرافي (ت 368هـ)، مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، الجزء الأول، 1986م. والجزآن الخامس والسادس، تحقيق: د. عوني عبد الرءوف، 2003- 2004م.
9)  الطبقات الكبير، لابن سعد، تحقيق: زاخاو ومجموعة من المستشـرقين، ترجمة وتعليق: د. عوني عبد الرءوف، دار التحرير، القاهرة، 1967- 1968م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، تحقيق: الدكتور علي محمد عمر، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2001م.
10)   الفهرست، لابن النديم، تحقيق: جوستاف فليجل، د. عوني عبد الرءوف، ود. إيمان السعيد جلال، سلسلة الذخائر (149)، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2006م.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، تحقيق: د. أيمن فؤاد سيد، مؤسسة الفرقان الإسلامية، لندن، 2009م.
11)   في اللغة والأدب والحضارة، كتاب تذكاري تكريمًا للأستاذ الدكتور عوني عبد الرءوف، تحرير: د. إيمان السعيد جلال، ود. ماجد مصطفى الصعيدي، دارة الكرز، القاهرة، 2008م.
12)         في تحقيق النصوص ونقد الكتب (دراسات ومراجعات)، د. خالد فهمي، دار الكتب والوثائق القومية، ط1، 2013م.
13)         القافية والأصوات اللغوية، د. عوني عبد الرءوف، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، الطبعة الثانية، 2006م.
14)   كتاب القوافي، القاضي أبو يعلى عبد الباقي بن عبد الله بن المحسن التنوخي، تحقيق: د. محمد عوني عبد الرءوف، مراجعة: د. إيمان السعيد جلال، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، الطبعة الثالثة، 2009م.
15)   المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، د. محمد عيسـى صالحية، معهد المخطوطات العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، القاهرة، 1992م.
***



([1]) دكتوراه الألسن في اللغة العربية.
([2]) في اللغة والأدب والحضارة، كتاب تذكاري تكريمًا للأستاذ الدكتور عوني عبد الرءوف، تحرير: د. إيمان السعيد جلال، ود. ماجد مصطفى الصعيدي، دارة الكرز، القاهرة، 2008م.
([3]) تكريم الأستاذ الدكتور عوني عبد الرءوف من قِبَل لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة، في 14 يناير 2016م.
([4]) كتاب القوافي، القاضي أبو يعلى عبد الباقي بن عبد الله بن المحسن التنوخي، تحقيق: د. محمد عوني عبد الرءوف، مراجعة: د. إيمان السعيد جلال، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، الطبعة الثالثة، 2009م، ص30.
([5]) السابق، ص31.
([6]) انظر: المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، د. محمد عيسـى صالحية، معهد المخطوطات العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، القاهرة، 1992م، جـ1، ص262.
([7]) كتاب القوافي، لأبي يعلى التنوخي، تحقيق: د. عوني، ص8.
([8]) السابق، ص14.
([9]) السابق، ص15.
([10]) السابق، ص16، 17.
([11]) السابق، ص171.
([12]) السابق، ص79.
([13]) السابق، ص188، 189.
([14]) السابق، ص63.
([15]) انظر: تحقيق النصوص ونشرها، لعبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة السابعة، 1998م، ص86.
([16]) كتاب القوافي، لأبي يعلى التنوخي، تحقيق: د. عوني، ص100.
([17]) السابق، ص16.
([18]) السابق، هامش (د)، ص133.
([19]) السابق، ص135، وانظر أيضًا في حذف لفظ (باب): ص155، 162، 173، 178، 184، 187.
([20]) يقول الأستاذ عبد السلام هارون في ذلك: "ومن مذاهب أداء النصوص قديمًا وحديثًا ألا يلجأ المحقق إلى أي تغيير أو تبديل كان، إلا ما تقتضيه الضرورة المُلِحَّة ويحتمه النص، مما هو واضح وضوح الشمس، متعين لدى النظرة الأولى، أو يكون المؤلِّف قد نص على إجازة إصلاح أخطائه". تحقيق النصوص ونشرها، ص79.
([21]) هو كتاب الشافي في علم القوافي لابن القطاع الصقلي، أما "التصريع والقافية" فهو عنوان باب من هذا الكتاب، وقد ذكره الدكتور عوني في فهرس مراجع التحقيق المخطوطة، تحت عنوان: باب التصريع والقوافي. وقد نشر الكتاب بمركز الدراسات والإعلام، دار إشبيليا، الرياض، 1998م، تحقيق: د. صالح بن حسين العابد.
([22]) لم ينشر إلى الآن.
([23]) نشره الدكتور حسن شاذلي فرهود، دار التراث، القاهرة، 1395هـ.
([24]) نشره الدكتور فخر الدين قباوة، دار الفكر المعاصر، 1986م.
([25]) كتاب القوافي، لابن المحسن التنوخي، تحقيق: د. عوني، هامش (4)، ص71.
([26]) السابق، ص13.
([27]) السابق، ص9.
([28]) القافية والأصوات اللغوية، د. عوني عبد الرءوف، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة، الطبعة الثانية، 2006م.
([29]) شرح كتاب سيبويه، لأبي سعيد السيرافي (ت 368هـ)، مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، الجزء الأول صدر 1986م.
([30]) شرح كتاب سيبويه للسيرافي، جـ1، ص31- 41.
([31]) سجلتُها بقسم اللغة العربية/ كلية الألسن/ جامعة عين شمس، في نوفمبر 2014م، بإشراف د. محمد عوني عبد الرءوف، ود. إيمان السعيد جلال، تحت عنوان: "كتاب الأفعال لابن القوطية ت367هـ.. دراسة وتحقيق".
([32]) جهود المستشـرقين في التراث العربي بين التحقيق والترجمة، د. عوني عبد الرءوف، إعداد وتقديم: د. إيمان السعيد جلال، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الثانية، 2011م، ج1، ص56.
([33]) السابق، ص60.
([34]) السابق، ص58.
([35]) الطبقات الكبير، لابن سعد، تحقيق: الدكتور علي محمد عمر، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2001م، مقدمة الطبعة، ص34.
([36]) جهود المستشـرقين في التراث العربي بين التحقيق والترجمة، د. عوني عبد الرءوف، ج1، ص180.
([37]) انظر في نقد تحقيقيّ الديوان: ديوان عبيد بن الأبرص بين تحقيقين، للدكتور أحمد عبد الباسط، مجلة التراث، جامعة زيان عاشور، الجلفة، الجزائر، العدد الثامن، أوت 2013م.
([38]) ديوان عامر بن الطفيل، تحقيق: تشارلز لايل، تقديم وإعداد وترجمة: د. عوني عبد الرءوف، سلسلة الذخائر من تحقيقات المستشـرقين (2)، مركز تحقيق التراث، دار الكتب والوثائق القومية، 2003م، ص12.
([39]) يقول الدكتور أيمن فؤاد سيد صاحب أجود نشرات الفهرست: إن طبعة بيروت هذه لم تضف جديدًا، ولم تعتمد على أي أصول خطية، بخلاف طبعة رضا تجدد. انظر: الفهرست، للنديم، تحقيق: د. أيمن فؤاد سيد، مؤسسة الفرقان الإسلامية، لندن، 2009م، جـ1، المقدمة، ص98.
([40]) الفهرست، لابن النديم، تحقيق: فليجل، د. عوني عبد الرءوف، ود. إيمان السعيد جلال، سلسلة الذخائر (149)، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2006م، ج1، ص11.
([41]) السابق نفسه.
([42]) الفهرست، للنديم، تحقيق: د. أيمن فؤاد سيد، جـ1، المقدمة، ص100، 101.
([43]) تأريخ الحكماء، للقفطي، تحقيق: يوليوس ليبرت، ترجم حواشيها ومقدمتها وأضاف إليها: د. عوني عبد الرءوف، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الثانية، 2014م، مقدمة المترجم، ص15، 16.
([44]) جهود المستشـرقين الإنجليز في تحقيق التراث اللغوي العربي/ دراسة تحليلية لنماذج من القرنين التاسع عشر والعشرين، هالة جمال القاضي، مكتبة الآداب، القاهرة، 2015م.
([45]) من الذين اهتموا بفحص منجز أساتذتنا في تحقيق النصوص- الدكتور خالد فهمي؛ حيث قدَّم دراستين؛ الأولى: جهود الدكتور رمضان عبد التواب في تحقيق التراث، والثانية: منهج الدكتور حسن الشافعي في تحقيق النصوص العربية، وكلتاهما في كتاب: في تحقيق النصوص ونقد الكتب (دراسات ومراجعات)، للدكتور خالد فهمي، دار الكتب والوثائق القومية، ط1، 2013م.

TAG

هناك تعليقان (2)

  1. بحث ممتاز جدا ، ويا حبذا لو أُرسل للنشر في مجلة تراثية ورقية، دمت بخير طالبة العلم النجيبة.

    ردحذف


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *