-->

المستشرق الإنجليزي ماثيو لمسدن Matthew Lumsden




ماثيو لمسدن Matthew Lumsden (1777- 1835م):
مستشرق إنجليزي، اسكتلندي الأصل تلقى تعليمه في كلية الملك  King's College في أبردين Aberdeen باسكتلندا، وأرسلته شركة الهند الشرقية([1]) إلى الهند عام 1794م فتعلم العربية والفارسية، وأصبح أستاذًا للعربية والفارسية في كلية فورت وليم بكلكتا، وحصل على الدكتوراه في الحقوق عام 1808م، وعُين وكيلاً لقسم الصحافة بشركة الهند الشرقية بين عامي (1814 و1817م)؛ حيث عَمِل مترجمًا للأعمال الإنجليزية إلى اللغة الفارسية، وفي 1818م أصبح سكرتيرًا للجنة الكتابة. وعُهد إليه بمطبعة كلكتا فأحسن تجهيزها ونشر فيها مع لفيف من العلماء الكثير من نفائس المخطوطات، وعندما ساءت صحته غادر الهند في مارس 1820م، فسافر إلى إيران وجورجيا وروسيا وإنجلترا، وأخيرًا تُوفي في 31 مارس عام 1835م في توتينج كومون Tooting Common وهي مقاطعة في جنوب غرب لندن([2]).
ويقول عنه نجيب العقيقي في عمله الموسوعي إنه نظم الاستشراق تنظيمًا علميًا مستقلا([3])، ويقول عنه يوهان فيك إنه التزم بنظام التعليم التقليدي الإسلامي أثناء تدريسه بكلية فورت وليم، التي عَمِل بها أستاذًا مساعدًا ثم أستاذًا للعربية والفارسية منذ 1808م. ويعتمد كتابه في النحو العربي الذي لم يظهر منه إلا مجلد واحد اعتمادًا كاملا على النحاة العرب. وتتركز إنجازات لمسدن اللغوية الرئيسة في اللغة الفارسية؛ حيث يعد أفضل من عرفها في عصره بين المستشرقين الأوربيين، وله كتاب ضخم في نحو اللغة الفارسية([4]).
ويتنوع إنتاج لمسدن في الدراسات الشرقية بين التأليف والترجمة والتحقيق والنشر، وخاصة في اللغتين العربية والفارسية؛ وهي على النحو التالي:
أولا: التأليف:
1- كتاب نحو اللغة الفارسية A Grammar of the Persian Language: نُشر في جزأين في كلكتا عام 1800م، وتدارسه الطلاب في أوربا والهند([5]).
2-  كتاب نحو اللغة العربية A Grammar of the Arabic language, according to the principles taught and main rained in the school of Arabic etc. , Calcutta 1813.: تدارسه الطلاب في أوربا والهند، وتُرجم إلى الفارسية على يد عبد الرحيم بن عبد الكريم بإشراف لمسدن نفسه سنة 1828م، بعنوان "غاية البيان في علم اللسان"([6]).
ثانيًا: الترجمة:
لم تذكر المصادر للمسدن سوى عمل واحد قام بترجمته؛ وهو كتاب "الهداية" للمَرْغيناني، وهو كتاب في الفقه الحنفي ترجمه من العبرية إلى الفارسية في أربعة أجزاء، ونُشر في كلكتا (1807- 1808م)، وأعاد طبع المتن العربي للكتاب (1818- 1819م)([7]).
ثالثًا: تحقيق النصوص الفارسية ونشرها:
1-   كتاب "مختارات فارسية" Persian Selections: نُشر في كلكتا عام 1809م، وجمع فيه مؤلفات قيِّمة من الأدب الفارسي مطبوعة لأول مرة؛ وهي: يوسف وزليخة، ورسالة الإنشاء، وصُبْحة الأبرار لعبد الرحمن الجامي، ومجنون وليلى لأمير خسرو، وأخلاق جلالي للدَوَاني، ومنتخبات من "بستان" و"كلستان" و"ديوان سعدي"، ومن "بَهار دانش" لعناية الله كمبو، و"أخلاق مُحسني" للكاشفي([8]).
2-   الشاهنامه للفردوسي: نشر منها الجزء الأول فقط في كلكتا عام 1811م، وأتم طبع هذا الكتاب تيرنر ماكان([9]) Turner Macan مع استخدام المواد التي أعدها لمسدن، وظهرت هذه الطبعة الكاملة للشاهنامه في أربعة أجزاء سنة 1829م([10]).
وهناك مخطوطات فارسية أخرى استعان على إعدادها مع شبرنجر([11]) Sprenger ببعض علماء الهند([12]).
رابعًا: تحقيق النصوص العربية وترجمتها:
1- مقامات الحريري، في ثلاثة أجزاء، كلكتا (1809- 1814م)([13])، وذكر يوهان فيك أن من قاما بتصحيح المقامات هما مولوي جان علي ومولوي الله داود([14]) اعتمادًا على ثماني مخطوطات عربية، ونُشِرت في مجلدين([15]).
2- مختصر المعاني للتفتازاني، وهو كتاب تعليمي في البلاغة، نشره مولوي جان علي بإشراف لمسدن لأول مرة في كلكتا 1813م([16]).
3- ديوان المتنبي، نشره لأول مرة في كلكتا 1815م([17]). وقد ذكر يوهان فيك أن ديوان المتنبي طُبِع في كلية فورت وليم؛ لكنه لم يذكر أنه للمستشرق ماثيو لمسدن.
4- القاموس المحيط للفيروزآبادي، نُشر في جزأين، كلكتا عام 1817م، وهذه أول طبعة للقاموس بتصحيح الشيخ أحمد الأنصاري الشرواني([18])، وقد أشرف لمسدن على تحقيقه ونشره، ووضع له مقدمة باللغة الإنجليزية.
ومن الواضح هنا أن إنتاج لمسدن الخاص بتحقيق النصوص العربية ونشرها لم يكن إنتاجًا منفردًا؛ وإنما كان جهدًا مشتركًا بينه وبين المدرسين العرب والهنود آنذاك، وسيتضح ذلك بدقة من خلال دراسة جهده في نشر القاموس المحيط؛ وبذلك تختلف طريقة لمسدن في التحقيق عن غيره من المستشرقين الإنجليز الذين حققوا النصوص العربية في كلية فورت وليم، ومنهم جون بيلي([19]) John Baillie، ولوكت([20]) Abraham Lockett؛ اللذان قاما بتحقيق كتب في النحو العربي ونشرها، وكان جهدهما في التحقيق منفردًا.
وبهذا الإنتاج المتنوع يعد لمسدن من أهم المستشرقين الإنجليز الذين أسهموا في ارتقاء كلية فورت وليم في كلكتا، وقاموا بتعليم الثقافة العربية ونشرها في الهند([21]).
وتعاون مع لمسدن في نشر التراث العربي العديد من العلماء العرب والهنود الذين درَّسوا في كلية فورت وليم آنذاك؛ "فإلى جانب الأساتذة الإنجليز قامت جماعة من المدرسين الهنود في الكلية بتأليف معجمات لغوية، وكتب في النحو، ومختارات، وترجمات، وتحقيق نصوص"([22])، وكان من المدرسين العرب الشيخ الشِّرواني الذي قام بتصحيح طبعة القاموس المحيط ومقابلة نسخه الخطية.


[1] انظر "شركة الهند الشرقية" و"كلية فورت وليم" بالتمهيد.
([2])  Sidney Lee: Dictionary of national biography, London: Smith, Elder, 1893, Vol: XXXIV, P. 278.
([3]) نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ 2، ص 50.
([4]) Fück, J.: Die arabischen Studien in Europa, S. 137.
([5]) Ibid, S. 138.
)[6]) Ibid, S. 137.
([7]) نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ 2، ص 51.
([8]) Fück, J. : Die arabischen Studien in Europa, S. 137.
[9] مستشرق إنجليزي (1792- 1836م)، كان عالمًا باللغة الفارسية، وعَمِل مترجمًا للغة الفارسية للقادة العسكريين البريطانيين في الهند، وقام بترجمة أعمال فارسية ونشرها ومنها أعمال الشاعر الفارسي الفردوسي.
(([10] د/عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثالثة، 1993م، ص476.
[11])) مستشرق نمساوي (1813- 1893م)، اشتغل في مدرسة دهلي ومطبعة كلكتا في الهند عام 1842، تعلم العربية في جامعة برلين، وترجم ونشر العديد من الكتب العربية منها كتاب اصلاحات الفنون للتهاوني، والإتقان في علوم القرآن  للسيوطي، ونقل إلى الإنجليزية جزءًا من كتاب مروج الذهب للمسعودي، وألف أيضًا كتبًا في سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
([12]) نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ 2، ص 51.
([13]) السابق، جـ2، ص50.
([14]) هما مدرسان هنديان بقسم اللغة العربية والفارسية بكلية فورت وليم.
)[15]) Fück, J.: Die arabischen Studien in Europa, S. 138.
[16] د/ عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين، ص476.
([17]) نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ2، ص50.
[18] ستأتي لاحقًا ترجمة مفصلة له.
(([19] مستشرق إنجليزي (1772- 1833م)، عَمِل ملازمًا في شركة الهند الشرقية، ودرَّس اللغة العربية والفارسية والشريعة الإسلامية في كلية فورت وليم، وكان يدرس اللغة العربية من متون نحوية متداولة، ولهذا قام بنشر مجموعة من كتب النحو العربية في عمل واحد، وهي المائة عامل، وشرحها، والمصباح، وهداية النحو، والكافية، كلكتا، 1802م.
([20]) مستشرق إنجليزي (ت 1834م)، أيرلندي الأصل، وعمل أستاذًا للعربية والفارسية في كلية فورت وليم 1814م، وقام بتحقيق العوامل المائة لعبد القاهر الجرجاني، وشرح العوامل المائة لمحمد البيركلي، ونشرهما في كتاب واحد مع ترجمة إنجليزية للمتن، كلكتا، 1814م.
)[21]) Fück, J. Die arabischen Studien in Europa, S. 139.
[22] د/ عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين، ص476.

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق


الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *